روى العلامة المجلسي في بحار الأنوار عن محمد بن الحنفية انه قال: ثم أخذنا بجهازه ليلاً وكان الحسن يغسله والحسين يصب الماء عليه وكان لا يحتاج إلى من يقلبه بل كان يتقلب كما يريد الغاسل يمينا وشمالا وكانت رائحته أطيب من رائحة المسك والعنبر، ثم نادى الإمام الحسن أخته زينب وقال: يا أختاه هلمي بحنوط جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم لفوا الإمام (عليه السلام) بخمسة أثواب كما أمر، ثم وضعوه على السرير وتقدم الحسن والحسين (عليه السلام) إلى السرير من مؤخره، وإذا مقدمه قد ارتفع ولا يرى حامله، وكان حامله من مقدمه جبرائيل وميكائيل وسارا يتعقبان مقدمه.
ولــــم أدر لمــــا أن ســــرى في نعشه وحـــــفت بـــه إبــــــنا لــؤي بن غالب
هــــو الــمرتضى في نـــعشه يحملونه أم العرش ســـــاروا فـيه فوق المناكب
قال محمد بن الحنفية: لقد نظرت إلى السرير فما مر بشيء على وجه الأرض إلا انحنى له، ومضوا به إلى النجف إلى موضع قبره الآن، وضجت الكوفة بالبكاء والعويل وخرجت النساء يتبعنه لاطمات حاسرات، فمنعهن الحسن وردهن إلى أماكنهن، هذا والحسين ينادي: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون، وا أبتاه وا انقطاع ظهراه من أجلك تعلمت البكاء إلى الله المشتكى.
فلما انتهيا إلى قبره وإذا مقدم السرير قد وضع فوضع الحسن والحسين مؤخره، ثم قام الحسن وصلى عليه والجماعة خلفه وكبر سبعا كما أمره أبوه (عليه السلام). ثم زحزحنا سريره وكشفنا التراب وإذا نحن بقبر محفور ولحد مشقوق وساجة منقورة، مكتوب عليها: هذا ما ادخره له جده نوح النبي للعبد الصالح الطاهر المطهر . فلما أرادوا إنزاله سمعوا هاتفا: أنزلوه إلى التربة الطاهرة فقد اشتاق الحبيب إلى الحبيب. فدهش الناس وألحدوا أمير المؤمنين (عليه السلام) قبل طلوع الفجر.
عظم الله أجركم يا موالين بذكرى استشهاد الإمام علي بن أبي طالب (ع)
تهدمت والله اركان الهدى